آخر الليل النهار .. تلك حقيقة أحياها.. أغفو على رؤاها وأصحو .. ولكنني أحياناَ أفيق على حقيقة أخرى تحياني .. تسكنني ، تغمر بوحي،كذلك الموج المنساب على ضفاف ألمي ، إنها حقيقة الليل حينما يعلن عصيانه ، يتشبث بوجوده ، يستجديه شروق الشمس المنبلج الذي أتعبه الانتظار أن يرحل فيأبى أن يفعل ، ولا ينفك يراود حبات الغيم المتكاثفة أن تسدل ستائرها على وجه الصبح ،عالم من المتناقضات.. هكذا هي فلسفة الحياة .. نهار يغشاه ظلام ، وليل تتسلل منه خيوط نور، وجوه وملامح متباينة تتمازج أحياناً فتختلط علي ألوانها، قد يشف ذلك عن جمال للكون لا يدركه شعوري المتعب، فبضدها تتميز الأشياء ، وبين كل ظلام وظلام يلوح بصيص نور ، وإني لأراه ، نعم ثمة وهج هناك ، إنه ذلك القمر الذي يتسلل بين أهداب الغيوم ، ويومض نوره خلف أستار الظلام ، يسبح على أجنحة الأفق ، كأطياف من ضباب ، تفاصيل غير واضحة الملامح من حلم جميل ، يتمرد على أنقاض الحزن المتراكم عبر تضاريس عمري ، ربما يكون ميلاد روح تراقصت بعنف في نبضات شرياني ، أيقظت خفقات الفرح الموؤودة داخل سراديب وجداني ، صدحت على صدى وقع خطاي التائهة بين إشراقات الأمل وإرهاصات السراب .آهٍ ترانيم روحي ، منهكة أنت بالشجن والرحيل عبر مجاهل الغربة ، ينطلق صوتك كتنهيدة مشروخة تمزق فضاء السكون ، وقد انسكب شجناً ، تلوًن كريشة كست جسدها الواهي تدرجات ألوان الطيف ، وبرغم زهائها ، ترهقها العواصف ، فتظل تحلق في مهب الريح المجنونة ، لا أرض تهبط عليها ، ولاسكون يوقف ريحها.وأبقى أسافر وأسافر .. أهاجر مع الطيور .. في فضاء الغموض .. ولاضياء هناك سوى وميض من أمل .. وبقايا جمال تسكن قلوب قلة من البشر .. في حلبة الصراع بين العالم الوحشي حيث لا بقاء إلا لمن يملك أنياباُ ومخالب وأقنعة ، وبين ملامح من خير ووشاح من بياض مازال يسمو في عالم الإنسان ..قد يطول الرحيل .. وتمتد المسافات .. ويمضي الزمن ..وبين محطة وأخرى من مرافئ الحياة .. لابد أن يولد فجر .. وتبتسم شمس .. وينجلي ظلام .. إنها نعمة الإيمان معها وبها فقط تتجلى حقيقة هي الأجمل ألا وهي أنه ...لابد لكل ليلٍ من آخر ...
تمــــــــــــــــ قلم ـــــــــــــــــرد
بقلم الطفلة : سمر الحايك
